أهم الأخبارمقالات

صفوت عمران يكتب: استراتجية صناعة “المعارضة الزائفة”

بقلم الكاتب الصحفي صفوت عمران نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية

حينما أحتل البرتغاليون جنوب اليمن عام 1513 ميلادية بعد معارك غير متكافئة، وجدوا مقاومة باسلة من اهالي اليمن كبدتهم خسائر بالغة .. فلجأ البرتغاليون لخطة مبتكرة لقتل المقاومة في مهدها حيث جاءوا بشخص مجهول النسب وأطلقوا علية اسماً عربياً ثورياً رناناً هو “ياسين”، ولم يكن أحد في عدن كلها يعرف هذا الياسين!! .. من أين أتى .. ومع من وكيف ظهر اسمه فجأة!! .. ودعمه البرتغاليون سراً بالمال وبعض السلاح لكي يظهر أمام الشعب بطلاً قومياً .. نادى “ياسين” بالجهاد لتحرير عدن، وانقادت خلفه الحشود تلبية لدعوته الوطنية، وبعد عدة معارك متفق عليها مع المحتلين.. شاع ذكره، وأصبح الكل يلقبه بـ”الزعيم الوطني”!!، وكعادتها تنادت الدول اﻷوربية بمؤتمر عالمي عاجل من أجل السلام وطلبت من “الزعيم المجاهد ياسين”، حضور المؤتمر ﻹيجاد صيغه لـ”سلام الشجعان” كما يتردد على مسامعنا اليوم .. وفي البداية تصنع “ياسين” الرفض ثم بعد فترة عاد “ياسين نفسه” ليقنع اليمنيين بأهمية المصالحة وحقن الدماء واقتسام مناطق النفوذ، ولانه كسب ثقتهم وافقوا علي أن يتفاوض بأسمهم، وهنا أعلن ياسين حكومته المحلية واعترف بحق البرتغال في عدن! .. فقسمت عدن إلى قسمين .. قسم يحكمه العميل “ياسين” ويتبعه اللاجئون والفقراء، وقسم آخر يحكمه المحتل البرتغالي ويمتلك النصيب الأكبر من الأرض والثروة حيث حصلت البرتغال علي المناطق الاستراتيجية والمهمة وحصل اليمنيين علي المناطق الفقيرة والمحرومة ونسوا أن كل البلاد أرضهم، وأن البرتغال محتل لا يجب المصالحة معه بل طرده من كامل التراب الوطني.

منذ تلك الواقعة ومع انطلاق “الحقبة الاحتلالية” باسم “الاستعمار” عرفت الدول الأوروبية صناعة “المقاومة المزيفة”، وبعد استقلال الكثير من الدول ذهب الكثير من الأنظمة السياسية حول العالم إلى ما يمكن أن نطلق علية “صناعة المعارضة المزيفة” أو “المعارضة بالاتفاق”، و”المقاومة المزيفة” تكتيكاً نفذته القوات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وهو ضرب المقاومة الوطنية في الدول التي كانت تحتلها ألمانيا بـ”أصوات تدعي المقاومة”، ولكنها مزيفة وهدفها الأوحد هو ضرب المقاومة الحقيقية والأساسية، في الفترة بين 1939 حتى 1945، قام البوليس السري الألماني “جيستابو” بتجنيد عناصر من المجتمعات المحتلة – فرنسا وبولندا وأوكرانيا وروسيا – وتنظيمها باعتبارها “كوادر مقاومة” بينما مهمتها كانت التهجم على القيادات الحقيقية للمقاومة الميدانية، وتشويه صورتها لمنعها من التأثير في تلك المجتمعات، وتحويل حركات المقاومة إلى “مقاومات مدجّنة” أي موجودة ولكنها “ممسوكة وتحت السيطرة”، والهدف الأساسي للـ “جيستابو” كان تحويل المقاومة بعد اختراقها إلى “مصيدة” تجلب المقاومين الحقيقيين إلى الغصن الممسوك من قبل الـ “Fake Resistance”، أي “المقاومة المزيفة”، وأصبحت المقاومة الوطنية عبر هذا التكتيك جسماً مدجناً، يُستعمل للقضاء التدريجي على قيادات وكوادر المقاومة الحقيقية، ويمنعها من أداء دورها ضد الاحتلال.

ويذكر المؤرخون .. أن “البروباجندا النازية” شنت حملة على المقاومة الفرنسية خلال فترة الحرب، لتشويه الجنرال شارل ديجول المنفي في لندن والجنرال لوكليرك الذي حشد طاقات الفرنسيين في الخارج، ومن بين الاتهامات التي سوقتها الآلة الاستخباراتية النازية عبر “كوادر المقاوم المزيفة” أن ديجول ولوكليرك وجماعاتهما “منفصلين عن واقع فرنسا تحت الاحتلال” وأنهم “يُنّظرون من بعيد”، وأنهم عاجزون لسنوات عن “إقناع الحلفاء بمشروع الاجتياح”، وكان الهدف الاستراتيجي النفسي البعيد المدى للنازيين أن يقطعوا الصلة بين هذه الأصوات في الخارج والمقاومين الحقيقيين في الداخل ليستفردوا بهؤلاء ويسيطروا على شبكاتهم، بالتالي يقضون على المقاومة استراتيجياً.

منذ 1949، بعد بدء الحرب الباردة، ركزت الاستخبارات السوفياتية، كسليفتها النازية على تكتيك “المعارضة المزيفة” لمواجهة المنشقين الروس والأوروبيين الشرقيين، وقد نجحت موسكو عبر الـ “KGB” أن تنتج شبكات واسعة من “المنشقين المزيفين”، “Faux Dissidents”، لاستهداف المنشقين الأصيلين، وقيادات المعارضات الأوروبية الشرقية، وشمل التكتيك السوفياتي، إضافة إلى مكونات التكتيك النازي، نشر تلك الشبكات داخل أوروبا الغربية والولايات المتحدة لـ”مطاردة المنشقين” في منفاهم وتشويه صورتهم ليس فقط لدى الشعوب المحتلة في الكتلة الشرقية، بل أيضاً لدى المهاجرين واللاجئين وكوادر المنظمات الداعمة للمعارضة ضد الأحزاب الشيوعية السوفياتية، والهدف السوفياتي كان إزاحة الرموز المنشقة الداخلية والناشطين في الخارج، وحتى المتخصصين بالاتحاد السوفياتي في الغرب، عن الإعلام ومنعهم من التأثير في قرارات حلف الناتو.

وقد استعملت الاستخبارات السوفياتية عبر سلاح الـ “Intox” نشر الأخبار والمعلومات الخاطئة “Fake News”، لتشويه صورة الكوادر المعارضة في الداخل، وضرب رصيد الأصوات المعارضة في الخارج “Discredit”، من أجل إحداث فراغ يملأه “القادة المزيفون” وصولاً إلى معادلة تمنع حدوث مقاومات حقيقية على الأرض في أوروبا الشرقية، أو اتخاذ قرارات صحيحة في الغرب لدعم تلك المعارضات الشعبية، كما حدث لعقود في “بودابست، براغ، صوفيا، والبلطيق”، وقد شرح نواب البرلمان الأوروبي من دول أوروبا الشرقية والخبراء والمنشقون السابقون، وحتى مسؤولين سابقين في السلطات الحاكمة، كيفية تحرك “الآلة المنسقة للمنشقين المزيفون ” Faux Dissidents” بالتفاصيل، فهي اعتمدت على شبكتين مولتهما موسكو إبان الحرب الباردة، الأولى عمدت إلى اختراق صفوق المنشقين والمعارضين الحقيقيين وزرع معارضين “مجندين”، ولكن بقدرات مالية واسعة لم تعرف مصادرها حتى انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي.

وقد سمحت موسكو لهؤلاء المعارضين المزيفين بأن ينتقدوها إلى حد ما ليكتسبوا “رصيداً معنوياً” لدى المعارضات، وبناء على هذا الرصيد المركب خصيصاً لهذا الهدف، قامت المجموعات المزيفة بحملات هجائية على المعارضين من أجل ضرب رسالتهم تجاه المجتمعات الأم، فاستهدفت شخصيات كليش فاليسا، قائد نقابة عمال “Solidarność” في بولندا، والكاتب المعارض فاتسلاف هافيل في تشيكوسلوفاكيا، والمنشقين الروس في الغرب كسولنجستين وسخاروف والمئات من الكوادر، الذين تعرضوا لأسوأ “البروباجندا” التي استهدفت أشخاصهم وحياتهم الشخصية.

ومولت الاستخبارات السوفياتية الشبكة الأخرى الموازية، وهي كناية عن منظمات وجمعيات “سلام ومضادة للحرب” Peace and Anti War ، وركزت هذه الشبكة على الضغط ضد مراكز صناعة القرار في الغرب خاصة حلف “الناتو”، وكُشف بعد انتهاء الحرب الباردة أن معسكر السلام ومجموعاته العاملة في الغرب كانت غطاء لمعسكر السوفيات في ضغطه لبلبلة الرأي العام الغربي ودفع الحكومات الأطلسية لعقد اتفاقيات منفصلة مع حلف “وارسو” وخفض التسليح الاستراتيجي، إلا أن جماعات “السلام” المزعوم كانت تمارس “تقية سوفياتية” تجاه المعارضين بحيث كانت تتهمهم بالعمل “لصالح الحرب والمواجهة العسكرية” واضعة المنشقين والليبراليين المتموقعين في الغرب، في خانة مؤيدي الحروب الدائمة و”أعداء السلام”، إلا أن “المعارضة الزائفة” السوفياتية الصنع انهارت مع انهيار الاتحاد السوفياتي، فكشفت معظم شبكات الـ “Fake” ووصل الذين استهدفتهم إلى قيادة تلك الدول لعقود من الزمن.

إلا أن انهيار الاتحاد السوفياتي لم يعن انهيار الشبكات المماثلة التي تتقن تكتيك “البروباجندا” الزائفة في الكثير من الدول حول العالم، بل إن الدول الغربية وفي مقدمتها “امريكا وبريطانيا وفرنسا” مازالت تصنع “المقاومة المزيفة” في كثير من دول العالم بلا استثناء، كما أن الكثير من الأنظمة تواجه أزماتها الداخلية وسوء إدارتها عبر خلق “المعارضة المزيفة” أو “المعارضة بالاتفاق” لدرجة أن الكثير من الشعوب لم تعد تفرق بين المعارضة الوطنية والمعارضة الزائفة .. في إيران سارع النظام السياسي منذ بداية التسعينيات لنقل هذه الممارسات نفسها إلى أجندته السياسية والاستخباراتية، فتبنى أساسها وبات يطبقها على المعارضة الإيرانية، الداخلية والخارجية، وعلى معارضات الدول العربية التي سيطر عليها بواسطة “الباسدران” ومشتقاتها، فيقول السياسي اللبناني وليد فارس أن القيادة الإيرانية فهمت دروس المرحلتين النازية والسوفياتية تجاه المعارضات واعتمدت خططاً مشابهة بل أكثر تقدماً، ومن أهم ما اقتبسته عن السوفيات والنازيين هو هدفان: استعمال قوى مضادة للحرب “Anti War ” في الغرب، عبر تمويل معين، والهدف الثاني هو استهداف معارضيها بشراسة عبر “معارضات زائفة” شبيهة بسالفاتها، بالفعل بدأ المراقبون منذ ما بعد 11 سبتمبر، لا سيما مع اقتراب موعد اجتياح العراق مشاهدة خطاب غير الخطاب الرسمي لـ”الجمهورية الإسلامية”، يدعو لإصلاحات في إيران وللسلام في المنطقة، وينتقد المعارضات المقاومة للنظام من ناحية أخرى، واشتدت وطأة هذا الخطاب لا سيما منذ انطلاقة إدارة الرئيس باراك أوباما في 2009، منذ ذلك الحين شعر المنشقون الإيرانيون وقيادات المعارضة بهبّة أقوى تستهدفهم داخل البلاد وفي الغرب أيضاً، ما قد يفسر ذلك هو اقتراب طهران وواشنطن من الاتفاق النووي تدريجاً، فكان منطقياً أن تسعى إيران إلى إلغاء تأثير المعارضين الإيرانيين في الغرب، لمنعهم من إقناع الرأي العام في أميركا وأوروبا أن الاتفاق هو بحد ذاته يشكل خطراً مباشراً على حرية الشعب الإيراني إذ إن النشطاء الإيرانيين المنفيين أو الأميركيين من أصل إيراني وحتى أصدقائهم في الغرب باتوا يشكلون الخطر الأكبر على الاتفاق وعلى السيولة التي سيوفرها لأركان النظام في طهران ولشركائهم في الغرب، إلا أن هجوماً يشنه النظام مباشرة على المعارضين لم يكن ليأتي بنتيجة، لأن الرأي العام الغربي سيختار المعارضة بدلاً من النظام، إذاً وكما فعل السوفيات والنازيون من قبلهم، هندس مخططو النظام الإيراني شبكة من “المعارضين المزيفين” انتشرت في العواصم الغربية، وحصلت على دعم لوبي الاتفاق النووي، وركزت على تدمير صورة ورصيد القوى المعارضة الإيرانية الحقيقية بدل أن تركز على منظومة الملالي.

“المعارضون المزيفون” .. وصفوا أنفسهم بأنهم “نقاد للحكومة الإيرانية”، “Iranian Government critics”، و ليسوا من دعاة “تغيير النظام” .. فقط مجرد نقاد .. وأنهم من “معسكر السلام” لمواجهة “معسكر الحرب”، وأنهم يدعون للإصلاح التدريجي لمؤسسات الحكم في طهران وليس لثورة كاملة على النظام، وروجت هذه الجماعات لانتقادات لاذعة للمعارضات الإيرانية الحقيقية واصفة إياها بأنها “فاقدة الارتباط بالداخل الإيراني أو بعيدة عن الواقع أو كليهما معاً” واتهمتها بالسعى لاستدراج الولايات المتحدة لضرب إيران عسكرياً وإحداث كارثة هائلة، والملاحظ أن هذه المعارضة “الناقدة للسلطة” في طهران إنما تنتقدها سطحياً بينما هي تقوم بدور المدمر لرصيد المعارضة الحقيقية، وقد تم تمكينها في الصحافة والإعلام الأميركي، حيث تنشر مقالاتها وتحاليلها في الـ”واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”، وتسمع أصواتها على الـ “CNN” وفي الإعلام الأوروبي، طبعاً بدفع من الأوساط المؤيدة للاتفاق، وكأن اتفاقاً غير معلن بين النظام وأصدقائه في الغرب يقضي بتعزيز صوت “معارضة إيرانية مؤيدة للاتفاق” على حساب معارضة إيرانية مقاومة له، وما يفهم من هذه المعادلة أن صوت المعارضة المؤيدة للاتفاق و”مغانمه” بات الصوت المقبول ويُظّهر وكأنه فعلاً “معارضة إصلاحية” تنتقد أداء السلطة “سطحياً” في مواجهة “مغامرين” من مؤيدي الحرب والتدخل العسكري.. والواقع أن إيران ليست استثناء .. فـ”المعارضون المزيفون” في كل الأنظمة لا يطالبون بتغيير النظام أبدا .. فقط يطالبون بمجموعة من الإصلاحات الضعيفة والمتفق عليها مسبقاً.

واتفق خبراء أن أول هدف لـ”المعارضة المزيفة” هو توجيه انتقادات واسعة لأي تنظيم معارض صلب وقوي سواء بشكل مباشر أو عبر تنظيم مزيف ينتمي لنفس الفكر الأيديولوجي ..أي من ينتقد المعارضة الإسلامية يكون من التيار الإسلامي.. ومن ينتقد المعارضة اليسارية يكون من التيار اليساري .. ومن ينتقد المعارضة الليبرالية يكون من التيار الليبرالي .. وإذا نادى البعض بعودة الملكية تجد فجأة أصوات معارضة “جمهورية” ترفض عودة الملكية وتفند مساوئ الحكم الملكي .. وإذا طالب البعض بالحكم المدني تجد مدنيين يذبحون في حملات منظمة أي شخصية مدنية يتم طرحها وإلصاق كل نقيصة بها .. كل ذلك وغيره من أجل تمكين النخبة الحاكمة من رسم خططها السياسية والدبلوماسية من دون إزعاج المعارضة.

نهار خارجي قبل غروب الشمس:

ياترى كم “ياسين” يعيش بيننا الآن؟ .. كم “ياسين” يرتدي قناع الوطنية ويتحدث مثل الوطنيين ويردد نفس عباراتهم بينما هو طابور خامس أو خائن أو عميل أو مرتزقة؟!، كم “ياسين” يتخذ صف الوطن في لحظة ما ليخفي حقيقته الخبيثة ثم ينهش في جسد الوطن من الداخل ولا يكتشفه أحد؟! .. كم “ياسين” يجب محاكمته بينما هناك من يصمت عنه لتحقيق مصالح آنية ضيقة، لكنها علي المدي البعيد تدمر الوطن؟! ..كم “ياسين” يتخذ مواقف زائفة ويدعي بطولات وهمية ليقنع العوام والجهلاء أنه ينحاز اليهم بينما تقاريره الأمنية تستوجب أن يُلقه به في غياهب السجون؟! .. كم “ياسين” يدعي المعارضة بينما يؤدي دوراً في سيناريو هابط فيما يسمى بـ”المعارضة المزيفة” .. حاكموا كل “ياسين” قبل ان يُسلب مننا الوطن .. افضحوا كل “ياسين” ولا تصمتوا.

ليل مظلم:

هذه قصة حقيقية، مازالت تمارس فصولها في كل أرجاء الوطن العربي على مدار عقود، ورغم اختلاف المخرجين إلا أن السيناريو واحد، ومع مرور الزمن يسأل البعض .. هل يعيد التاريخ نفسه؟!، في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة، والمتأمل في وضع العالم العربي اليوم، يكتشف بكل سهولة، وجود أكثر من “ياسين” في المنطقة تم إنتاجهم وتصنيعهم بنفس الطريقة ولنفس الهدف، فالكل يعمل على تجزئة المجزأ وتقسيم المقسّم، وإسقاط مفهوم الدولة الوطنية في المنطقة العربية لصالح دويلات وأقاليم وكيانات هشة، تقوم على فكرة التلاعب بحبال الانتماآت المذهبية والطائفية والقبلية، ومع مرور الوقت بدأت الأنظمة الحاكمة نفسها تكرر تنفيذ نفس اللعبة مع شعوبها فيما يعرف بتكتيك “صناعة المعارضة الزائفة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى