مقالات

أشرف حمودة يكتب: شباكنا ستايره حديد

بقلم الكاتب الصحفي أشرف حمودة

قررت فى لحظة حاسمة أن احتمى بذاكرتى وأرحل ململما همى العام والخاص وبداخلى لهفة ألى مدى بعيد يعبر آفاق ممتدة
تشعرنى بقدر ضئيل من الحرية ، ودون تفكير كانت وجهتى لعروس البحر المتوسط الاسكندرية ، وبلااختيار كان مستقرى على شاطىء حى العصافرة .ونظرت للأفق البعيد والحلم والآمال والألام وقد تجمعوا فى خيط واحد فوق سطح البحر ، وفى تلك الأثناء اخترق سمعى صوت شادية تغنى ” شباكنا ستايره حرير من نسمة شوق بتطير ” من مذياع أحد الجالسين جوارى ، فشعرت ان تلك النسمة تلتف وتحيط بى وبساط أملس فوق سطح البحر كأنى اسير فوقه ، فاذ بى أرى موجة عالية التحمت بها موجات متتابعة تعتصر ذاتى وأصداء اصوات تردد : هل لديك أقوال أخرى ؟ ..واجدنى أردد نعم ..كانت ثورة عاطفتى دوما باعثة ، وقالوا انها زوبعة عابثة .المحبون دائما يحتوون ، فالنبض يمثل لهم انتماء فعشقى لها دون ارتواء ..يتوارى خلف صدقه الرياء ..فكلها أبواب وحروفها وطن وصدق وكبرياء ، ولماذا الهمس طالما بالامكان يعلو الصوت ، ويمتد بصرى لضى الشمس ,انا أردد فى هواها أغنيات للحرية واستبحت أن يفيض كيانى وتنهمر مفردات الصمت والغضب وكل ترانيم العشق تؤهلنى لأدفع ببوابات أنطلق منها لمساحات فضاء .. أحاكيها بلغة تلملم آلامها ,اشعر بنارها فى دائرة القهر اللامتناهى ، فى حالات استمرار المحنة ، وحتى فى ذروتها أعشق كل أنين فى صرخاتها .
فأنا أحاكيها بصدق وقلب صريح ..كل المعنى بدون تحريف ، فليس عنها بديل وأرتوى منها حبا يسرى بشرايينى كما نهر النيل ، فأنا أنهض بذاتى عندما أحيا فيها بكل الممكنات ..بالضحك والبكاء ونزق الكلمة والسكات ..فلابديل ولا جدارا عازلا عن حبها مستحيل .
وتسقط أشعة الشمس ..وتلتحم بسطح البحر ، ويسدل الليل ستائره ..وأعود راحلا لداخل المدينة مستقلا الترام ، واذ بى أجد منزلا أثار دهشتى احدى نوافذه المطلة على نفق ومكسوة بقضبان حديدية متقاطعة ، نقف خلفها فتاة ..ملامحها صمت ..احتقان عين ، نظرات تنم عن كيان ينطلق للاشىء ، والقضبان تحجب الرؤية أو ربما الحياة ..,اشك أنها حياة ، ربما لأنى اسمع صوتها يردد: شباكنا ستايره حديــد……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى