أهم الأخبارمقالات

أشرف حمودة يكتب: صالون المثقفين وكنبة الشعب

بقلم الكاتب الصحفي أشرف حموده

عبارة أطلقها أحد أعضاء اتحاد كتاب مصر على هامش انتخابات اتحاد الكتاب ” الكتاب والشعراء هم أولى بقيادة المجالات الصحفية والاعلامية والفكرية بمصر ” وعلى الفور اجتاح عقلى عنوان ( صالون ثقافى ) وهذا العنوان فى حد ذاته يشكل أزمة فكرية مزمنة واعتيادية لم تخرج عن نطاق المحاكاة حول ابداع أديب أو مفكر أو شاعر ، وكل منهم له نصيب فى سرد أبعاد رؤيته الأدبية أو الشعرية وجمالية النص أو البيت دون التطرق الى ماذا أضافت تلك الأدبيات لواقعنا الفكرى المؤثر فى قضايانا المجتمعية مثل هؤلاء الشعراء الذين دفعوا ثمنا باهظا من حريتهم ولقمة عيشهم من أجل الايمان بقضية وطن ، صالونات هنا وهناك حتى صارت أماكن انعقادها ذو ارتباط وثيق بحيز المكان ونفس الوجوه والأسماء ومباراة الالقاء سواء نصا أو شعرا وتصفيق الحضور وتوزيع شهادات تقدير ودواوين وقصص عبر حفلات توقيع ، دائما يتألقون فيما بينهم ، واذا بحثنا عن جوهر الأزمة الثقافية فى مصر فلن نجتهد كثيرا بل ننظر الى قاعات انعقاد تلك الصالونات والندوات فستجد غالبا المركز الثقافى المعلن عنها لايتفاعل معه سكان الحى ولا يشاركون فى صياغة الحياة الثقافية بما يكون منهجا مؤثرا فى القضايا الاجتماعية وينعكس على الفكر الجمعى للعامة ، والجميع يحصلون على شهادات تقدير وجوائز فى ابداع ونهم للضوء الاعلامى ، لكن حينما تكون هذه الكيانات الثقافية فى مواجهة مع قضية مجتمعية سنجد مساحة فارغة مابينها وأى حلول لتلك القضية.

وناهينا عن انحسار دور المثقفين والشعراء داخل قصور الثقافة فى مواعيد شبة دورية داخل تلك الجدران ولاتتجاوزها اشعاعا الى براح الحى القابع فيه قصر الثقافة ، ونادرا مانجد على المستوى الفردى شاعرا أو مثقفا يرتبط فكرا وموضوعا مع البيئة المحيطة ، واذا توقفنا قليلا أمام صالون العائلة المسمى ب” الكنبة” فى ثقافتنا الشعبية سنجده أكثر فاعلية وايجابية فى حل مشكلات العائلات والاصدقاء ويصدر عنه قرارات مؤثرة فى الامان الاجتماعى والعلاقات الانسانية ، بل وتطرح قضايا فكرية تلقائية ومتشابكة يخوضها الحاضرون من ذوى الاراء السياسية المختلفة ، ولايبحث كل منهم عن دور ذاتى حيث لا وسائل اعلام ، مما يدعونا للقول أنها بذلك فاقت كل الصالونات الثقافية فى استراتيجية الوصول للجماهير وايجابية التأثير .وأزمة الثقافة فى مصر هذا الحد الفاصل مابين الصالون الثقافى والكنبة .

ولابد أن نقف أمام حقيقة المثقف ونتساءل : الأديب العالمى نجيب محفوظ ، كل ابداعاته من رحم الحارة المصرية والمقهى ومناقشات حول رؤية انسانية او سياسية تخللها نص روايته ، أدب الشارع والناس وامتزاج الكلمة بسياق الثقافة الشعبية والتى هى فى النهاية متلقى وقارىء لتلك الابداعات ..لم يكتف بصالون أو رواية جديدة تعلن عنها وسائل الاعلام بل كان له تلامذته ومحبيه يناقشهم ويحاوروه ، واما عن الشعراء ومدعى الثقافة قمين بنا أن نقول هناك سوقا للسمسرة يتقنها البعض ويتبنون بعض الشاعرات العربيات وايهامهن انهن الخنساء وفدوى طوقان ونازك الملائكة وسعاد الصباح وعلية الجعار ، هذا من أجل حفنة دولارات أو طباعة ديوان وتمهيد ندوات لهن فى مراكز ثقافية ، بل داخل مصر هناك من يتاجر بأمسيات شعرية تحت رعاية مؤسسة كذا ..ومثل هؤلاء ” أرزقية ” يقتاتون على حساب النقاء الثقافى والفكرى .

ومن هنا أصبحت الثقافة والمتثاقفون بلا هوية أو أصحاب قضية ، والنتيجة تهميش العقل وتراجع الأمل فى بناء تنمية ثقافية وان سألتهم عن الهوية ستجدهم صامتون تابعون لأهواء الثقافة المفروضة طوعا وقسرا ولايناضلون من أجل حقيقة الكلمة مثل هؤلاء الذين يزخر بهم تاريخنا الفكرى الثقافى ودفعوا ثمنا لعقيدة الكلمة وصدق الوطن داخلهم ..وتبقى ” الكنبة” هى أيقونة الفعل والايجاب ..ولاعزاء لثقافة الصالونات..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى