ذهب أحد الشباب إلى حكيم من حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح وسأله ” هل تستطيع أن تذكر لي ما هو سر النجاح ؟”
فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء قائلاً : ” سر النجاح هو الدوافع “
فسأله الشاب : ومن أين تأتى هذه الدوافع ؟ “
فرد عليه الحكيم الصيني : ” من رغباتك المشتعلة “
وباستغراب سأله الشاب ” وكيف تكون عندنا رغبات مشتعلة ؟ “
وهنا استأذن الحكيم الصيني لعدة دقائق وعاد
ومعه وعاء كبير مليء بالماء وسأل الشاب :
“هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة ؟”
فأجابه الشاب بلهفة :” طبعاً “
فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء وينظر فيه ، ونظر الشاب إلى الماء عن قرب وفجأة ضغط الحكيم
بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعها داخل وعاء الماء !!
ومرت عدة ثوان ولم يتحرك الشاب ، ثم بدأ يُخرج رأسه من الماء ببطء ولما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة
حتى نجح في تخليص نفسه وأخرج رأسه من الماء ،
ثم نظر إلى الحكيم الصيني وسأله بغضب : ” ما هذا الذي فعلته ؟ “
فرد عليه وهو ما زال محتفظاً بهدوئه وابتسامته سائلاً : ” ما الذي تعلمته من هذه التجربة ؟ “
فقال الشاب : ” لم أتعلم شيئاً “
فنظر إليه الحكيم الصيني قائلاً ” لا يا بني لقد تعلمت الكثير ، ففي خلال الثواني الأولى أردت أن تُخلّص نفسك من الماء ،
ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك ، وبعد ذلك كنت دائماً راغباً في تخليص نفسك فبدأت في التحرك والمقاومة ولكن ببطء ،
حيث أن دوافعك لم تكن قد وصلت بعد لأعلى درجاتها ، وأخيراً أصبحت عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك ،
وعندئذ فقد نجحت ، لأنه لم تكن هناك قوة باستطاعتها أن توقفك ” ، ثم أضاف الحكيم الصيني الذي لم تفارق
ابتسامته الهادئة : “
عندما تكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح فلن يستطيع أحد إيقافك “
ومن هنا نتعلم أن الرغبة المشتعلة للنجاح هي قاعدة من أهم قواعد التميز والنجاح ،
فلو اكتشفت ذاتك وأيقظت قدراتك وكنت واثقاً جداً من نفسك ، ولكن لم تكن لديك رغبة قوية تدفعك دفعاً نحو
التميز والنجاح فلن تكون أبداً من المتميزين الناجحين ، لأن الرغبة القوية لتحقيق النجاح هي وقود الناجحين
وبدونها لا يستطيع من يريد النجاح أن يسير في ركب الناجحين ، وسيظل واقفاً مع الفاشلين المُحبَطِين ،
كالسيارة التي بلا وقود ، هل تستطيع الحركة بدون هذا الوقود ؟ بالطبع لا ، مع أن هذه السيارة ربما تكون من
أفخم السيارات ، وبها أحدث الإمكانيات ، ولكن لعدم وجود الوقود الكافي لتحريكها لن تتحرك وستظل واقفة
في مكانها ،وستظل الإمكانيات التي فيها مُعطّلة لأنها لا تتحرك 0
لذلك أقول : لابد أن تشتعل الرغبة القوية للنجاح في داخلك ، لأن النجاح يبدأ من ها هنا ، من داخلك أولاً ، فإذا
امتلكت هذه الرغبة فأعلم أنها ستولد في داخلك طاقة هائلة تدفعك نحو النجاح دفعا، ولن يستطيع أحد إيقافك
قال رالف والدوامرسون : ” ما يوجد أمامنا وما يوجد خلفنا يُعتبر ضئيلاً جداً بالمقارنة بما يوجد بداخلنا ”
لذلك سوف أذكر لك أهم العوامل التي تولد الرغبة المشتعلة بداخلك
عوامل تحفيز النفس وشحذ الهمم :
قرءاة قصص الناجحين : فقراءة قصص الناجحين تُحفز النفس وتشحذ الهمم ، لأنك وأنت تقرأ سيرهم
تعيش في رحاب خبرات وتجارب ظلت سنوات وسنوات ، فتتعلم من حياتهم كيف واجهوا الصعاب ،
وكيف تغلبوا عليها ، وتتعرف على قوة عزيمتهم ، ورغبتهم المشتعلة للنجاح التي لا تضعف أبداً ولو
وصلوا إلى أعلى درجات النجاح ، فعندما تقرأ مثل هذا الكلام تجد نفسك مشتاقة للوصول إلى ما
وصلوا إليه ، ولك أن تتخيل لو كان عندك هذا النوع من الحماس واستفدت من هذه الخبرات – فكيف
ستكون قوتك ؟ وكم من النتائج المتميزة ستتحقق بناءً على ذلك ؟
قال الفيلسوف الياباني فوشيدو كيندو ” الجلوس في ضوء الشموع وأمامك كتاب مفتوح في حوار مع أشخاص
من أجيال لم تُعاصرهم هي المتعة التي ليس لها مثيل “.
النظر إلى حال من سبقوك من أصحابك : فبالنظر إلى حالهم وما وصلوا إليه من نجاح ، وبمقارنته بحالك وما أنت
عليه تدرك مدى السكون الذي أنت فيه ، وبذلك تتحفز نفسك ، وتقوى عزيمتك للسير في طريق الناجحين .
وضع أهداف نفيسة : فإن الإنسان الذي يسعى لتحقيق هدف ما يكون نشيطاً ، يسعى بجد لكي يظفر بهذا
الهدف ، يُحكى عن المفكر الفرنسي (سان سيمون ) أنه علَّم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول
: ” انهض سيدي الكونت .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ! ” .فيستيقظ بهمة ونشاط ، ممتلئاً
بالتفاؤل والأمل والحيوية ، مستشعراً أهميته ، وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير والكثير ،
فالسعي من أجل هدف تريد تحقيقه يجعلك عالي الهمة ، ويولد في قلبك رغبة مشتعلة للوصول إلى ما قد حددته .
عش بكل كيانك بداخل أحلامك : فأنت إذا رسمت صورة لنفسك وقد حققت ما تُريد تحقيقه ، وعشت بكل كيانك
وعواطفك داخل هذه الصورة ، مستمتعاً بما وصلت إليه من النجاحات ، فإن هذا سيولد في داخلك طاقة جبارة ،
وهمة عالية للوصول إلى هذا النجاح ، فبعد أن كان مجرد حلم وخيال ، يكون حقيقة لا أمر مُحال 0
فهذا أرنولد شوارزنجر يقول عنه الكاتب الأمريكي ستيف تشاندلر أنه ذهب لمقابلته في عام 1976بحكم عمله
الصحفي ، ولم يكن أحد يعرف من هو أرنولد ، فهو رياضي سابق ، وقد قام ببطولة فيلم سينمائي لكنه لم يُحقق أي نجاح يُذكر
يقول تشاندلر : كان أكثر ما يعلق بالذهن من ذلك اليوم تلك الساعة التي قضيناها في تناول الغداء ، حيث
أخرجت كراستي وأخذت أسأل أسئلة المقال وأثناء الطعام وفي لحظة مُعينة سألته بشكل عارض ” أما وقد اعتزلت رياضة كمال الأجسام ، ما الذي تنوي فعله بعد ذلك ؟ “
فما كان منه إلا أن أجابني بصوت هادئ كما لو كان يُخبرني عن بعض من خطط سفرياته العادية ، وقال لي ” إنني أنوي أن أكون النجم رقم واحد في هوليود ” .
يقول تشاندلر : ففاجئني حديثه الذي ليس له على أرض الواقع جذور ، فجسمه – وقتها – ضخم ، لهجته
نمساوية ، فيلمه الأول لم ينجح، فحاولت أن أخفي صدمتي وأنا أقول له : ” وهل لديك خطط مُعينة للوصول لهذا الهدف ؟” .
فأجابني قائلاً : ” بنفس الأسلوب الذي كنت أتبعه في كمال الأجسام وهو أن أتخيل الصورة التي أريد أن أكونها ثم أعيش هذه الصورة كما لو كانت واقعاً ” .
وقد أصبح أرنولد بالفعل رقم واحد في هوليود ، والآن اتجه للسياسة فأصبح حاكم على ولاية كاليفورنيا الأمريكية ، وأسلوبه كما يقول:( تخيل الحلم ) .
مصاحبة أصحاب الهمم العالية : إن من أقوى البواعث على ارتفاع الهمة مصاحبة أصحاب الهمم العالية ، لأن كل
قرين بالمقارن يقتدي ، فإذا نظرنا إلى حياة الناجحين العظماء نجدهم لا يُصاحبون إلا المجَّدين العاملين ، لأن
أصحاب الهمم العالية لا يعرفون إلا الجِد والكفاح ، والانتقال من نجاح إلى نجاح ، فهم يستمتعون بحياتهم في
ظل تفوقهم ونجاحهم ، فهم يتطلعون دائماً إلى معالي الأمور ، ولا يحبون الكسل والفتور ، لذلك مصاحبتهم دواء
لكل عاجز كسول ، وحافز لكل من يريد أن يكون ناجحاً مشهور
وصدق من قال :
أنت في الناس تقاس بالذي اخترتَ خليلا
فاصحب الأخيار تعلو وتنل ذكراً جميلا