
لماذا نتزوج
في ظل عصر قل فيه الزواج وكثر فيه حالات الطلاق أقدم هذه الإرشادات للقادمين على الزواج
من الفتيات والشباب .
لماذا تريد أن تتزوج أو بتعبير أدق ما هى نيتك فى الزواج ؟ ،
وما هى نيتك أختى الفاضلة فى الزواج ؟
فلابد للمرء من إخلاص النيه لله سبحانه وتعالى حتى يؤجر على هذا الزواج لقوله صلى الله عليه وسلم فى
الحديث الصحيح عند البخارى ومسلم ( إنَّما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) .
قال الشيخ السعدى فى شرح الحديث : ” إنما الأعمال بالنيات ” أى إنها لاتحصل ولا تكون إلا بالنية ،
وأن مدارها على النية . ثم قال : : وإنما لكل امرئ ما نوى ” أى : انها تكون بحسب نية العبد صحتها أو فسادها ،
كمالها او نقصانها ، فمن نوى فعل الخير وقصد به المقاصد العليا وهى ما يقرب إلى الله فله من الثواب والجزاء
الكامل الأوفى ، ومن نقصت نيته نقص ثوابه .
وقال الشيخ بن عثيمين رحمه الله : ويستفاد من هذا الحديث ايضاً أن الأعمال بحسب ما تكون وسيلة له ،
فقد يكون الشئ المباح فى الأصل يكون طاعة إذا نوى به الإنسان خيراً مثل ان ينوي بالأكل والشرب التقوى
على طاعة الله ن ولهذا قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) :
” تسحروا فإن فى السحور بركة ” .
قلت : وكذلك الزواج إذا نوى العبد فيه نيه صالحة صار طاعة ينال به الأجر العظيم من رب العالمين .
وإليك اخى القارئ الكريم بعض النيات التى يمكنك أن تنويها قبل الشروع فى الزواج .
(لماذا أتزوج ) أتزوج إقتداء بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وجميع المرسلين .
فالزواج سنة المرسلين ، وسنة خاتم النبين محمد بن عبد الله النبى الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ” [ الرعد : 38] .
وقال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى ( لثلاثة رهط الذين ذهبوا إلى بيوت
أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يسألون عن عبادته فلما أُخبروا كأنهم تقالَّوها – وجدوها قليلة –
فقالوا : وأين نحن من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تاخر ؟
فقال أحدهم : اما أنا فإنى أصلى بالليل ابداً ، وقال آخر : أنا اصوم الدهر ولا أفطر ،
وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج ابداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ”
أنتم الذين قلتم كذا كذا ؟ أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له ، ولكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وارقد ، وأتزوج
النساء ، فمن رغب عن سنتى فليس منى ).
وقال ( صلى الله عليه وسلم ) :” النكاح سنتى فمن لم يعمل بسنتى فليس منى “
فالنكاح من سنة المرسلين ، ونحن مأمورون باتباعهم والسير على نهجهم وطريقتهم قال تعالى :
” أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ” [ الأنعام : 90 ]
وقال تعالى عن رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم ) ”
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ”
( الأحزاب : 21).
لماذا أتزوج ) حتى أُحصن نفسى وزوجتى من الشيطان الرجيم .
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث المتفق عليه : ( يا معشر الشباب من أستطاع منكم الباءة
فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) . فالزواج سبب عظيم
لغض البصر ، وحصن الفرج ، وراحة النفس ، وتفريغ الفكر ، وأطمئنان القلب ، وقطع وساوس الشياطين .
(لماذا أتزوج ) لكى أُنجب ذرية تُنشأ على عبادة الله ليكونوا فى ميزان حسناتى ونوراً لى بعد مماتى
فالذرية الصالحة قُرة عين الأبوين فى الحياة الدنيا وذخيرة لهم فى الآخرة لذلك طلبها الأنبياء صلوات الله عليهم
أجمعين ، ورَغَبَ فيها اولياء الله الصالحين .
قال تعالى على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام ” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ” [ الصافات :100].
وقال تعالى على لسان زكريا عليه الصلاة والسلام ” رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ” [ آل
عمران : 38] .
وقال تعالى فى وصف عباد الرحمن ” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ
إِمَامًا ” [ الفرقان : 74] .
وقال ( صلى الله عليه وسلم) فى الحديث الذى رواه الإمام مسلم ” إذا مات الإنسان أنقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعوا له ” .
وقال ( صلى الله عليه وسلم)” إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح فى الجنة فيقول : يارب أنَّى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك “
فالأولاد نعمة عظيمة لمن احسن تربيتهم وقام على رعايتهم ، رزقنى الله وإياك البنين والبنات الصالحين والصالحات .
(لماذا أتزوج ) طمعاً فى كثرة الحسنات من رب البريات سبحانه وتعالى .
قال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الإمام مسلم : ” دينار أنفقته فى سبيل الله ، ودينار أنفقته فى رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، اعظمها اجراً الذى أنفقته على أهلك ” .
وقال صلى الله عليه وسلم فى لحديث الذى رواه الإمام مسلم : ” وفى بُضْع أحَدِكُمْ صدقة ، قالوا :
يا رسول الله أياتى أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أريتم لو وَضَعَهَا فى الحرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر ” .
فالزواج كنز عظيم من الحسنات فضلاً من رب البريات سبحانه وتعالى .
(لماذا أتزوج ) لتقريب الناس بعضهم ببعض .
قال تعالى ” وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ” [ الفرقان : 54]
فبالزواج تمتد الحياة موصولة بالأسر الآخرى من القربات والأصهار ، مما يكون له بالغ الأثر فى التناصر والترابط بين المسلمين بعضهم ببعض .
(لماذا أتزوج ) حتى أستكمل نصف دينى .
قال (صلى الله عليه وسلم) “إذا تزوج العبد أستكمل نصف دينه فليتق الله فى النصف الباقي”
قال القرطبى في شرح الحديث : ” ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنا، والعفاف أحد الخصال اللتين ضمن
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليهما الجنة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” من يضمن لى ما بين لحييه
وما بين رجليه اضمن له الجنة ”
– فأكثر الجوارح معصية لله – جلا وعلا – هى اللسان والفرج فمن تزوج حصَّنَ فرجه ، فبذلك يكون قد أستكمل
نصف دينه وبقى عليه أن يمسك لسانه إلا عن ذكر الله وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
والإصلاح بين الناس ، وتذكير الخلق بالخالق جلا وعلا .