مقالات

حصار و تدوين الفاشر معاناة المدنيين

ي ظل انتهاكات الدعم السريع

حصار و تدوين الفاشر معاناة المدنيين في ظل انتهاكات الدعم السريع
الصحفي مزمل الغالي

   

بقلم .. مزمل الغالي 

إن مهاجمة مدينة الفاشر ومعسكر نيفاشا للنازحين، وقطع مصادر المياه من قبل الدعم السريع، ليس حربا ضد القوات المسلحة السودانية أو الفلول كما يدعونه كذباً وافتراء، بل يدل هذا السلوك العدواني الهمجي، الذي يستنكر ودينه الجميع، على أن هذه الحرب موجهة ضد المواطنين الأبرياء العزل.

منذ بدء الهجوم الفعلي لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر كما ظهر في مقاطع فيديو لقوات الدعم في محطة الفاشر للكهرباء في شهر مايو 2024، عاش سكان المدينة في رعب وهلع. تطور هذا الوضع إلى القتل والايذاء الجسدي ودمار البيوت وغيرها من الأساليب التي لا تمت للإنسانية بصلة ضد المدنيين العزل.

قد يختلف الناس في أسباب الحرب أو أطراف النزاع، ولكن الجميع يتفق على أن استهداف المدنيين العزل في منازلهم وقطع الطرق لإيصال الخدمات الأساسية مثل الطعام والماء ومنع حركتهم، هو جريمة نكراء يجب أن تتوقف فوراً وألا تتكرر.

منذ بداية شهر مايو 2024 بدأت قوات الدعم السريع في حصار وضرب مدينة الفاشر باستخدام الأسلحة الثقيلة والمدافع والراجمات، ليس فقط لاستهداف مواقع القوات المسلحة أو القوات المشتركة، بل لاستهداف المواطنين الأبرياء. ولم تتوقف عند سكان مدينة الفاشر فقط، بل أصبحت تستهدف معسكرات النازحين! حيث تم استهداف معسكر نيفاشا للنازحين بالمدافع الثقيلة مما أدى إلى مقتل العشرات من المواطنين الأبرياء، ودمار عشرات المنازل. لم توجد قوات مسلحة أو قوات مشتركة تابعة للحركات المسلحة التي وقعت على اتفاقية سلام جوبا داخل معسكر النازحين. لذلك، استهداف أماكن تجمعات المواطنين ومعسكرات النازحين بصفة خاصة هو جريمة نكراء يجب التوقف عنها فوراً.

كل أعراف وقوانين الحرب جرمت الاعتداء على المدنيين العزل وأماكن سكنهم ومنشآتهم المدنية، ليس فقط المواطنين، بل أيضاً النساء والأطفال والمسنين والأسرى والجرحى والعاجزين عن القتال أي الذين وضعوا أسلحتهم وأصبحوا غير قادرين على القتال، يجب على الطرف الآخر في القتال عدم قتلهم أو إيذائهم بل رعايتهم وتقديم يد العون لهم. فكيف يتم ذلك على المواطن الذي ليس طرفًا في القتال؟

لم تتوقف انتهاكات قوات الدعم السريع ضد المواطنين الأبرياء العزل عند القصف العشوائي وحصار المدينة ومنع الحصول على المواد الغذائية، بل تطورت إلى الأخطر من ذلك. حيث ظهر مقطع فيديو بتاريخ 26 مايو 2024، لمجموعة من قوات الدعم السريع مع أحد القيادات الميدانية يدعى علي رزق (سافنا) وهو يقوم بإغلاق أدوات تحكم سير الماء من مصدره في منطقة خزان قولو. من المعروف أن ولاية شمال دارفور من الولايات شبه الصحراوية، حيث توجد مشكلة مياه بصورة شبه دائمة، والمصدر الرئيسي للمياه هو خزان قولو، حيث تتجمع المياه في فصل الخريف من عدة أماكن أكبرها من منحدرات جبل مرة، ثم تتم معالجة المياه وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب والاستخدام الآدمي.

إن قطع المياه والقصف العشوائي وغيرها من سلوك وأفعال الدعم السريع تشكل مخالفة واضحة لبنود اتفاقية جنيف الرابعة التي تعني بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة وفقًا للمواد التالية:

* المادة 27: الاعتداء على المدنيين وضربهم وقتلهم، مما يشكل انتهاكًا لحمايتهم من العنف والتهديد والإهانة.

* المادة 32: اتخاذ تدابير عنيفة تسببت في معاناة بدنية للمدنيين، وهو ما تحظره هذه المادة.

* المادة 54: تدمير أو حجز المواد الغذائية والمرافق العامة، بما في ذلك قطع المياه، وهو انتهاك صارخ لحقوق المدنيين في الحصول على الغذاء والمياه الضرورية للبقاء.

وعليه، ندعو المجتمع الدولي وجميع الجهات المعنية بمراقبة وحماية حقوق الإنسان إلى:

1. إدانة العنف ضد المدنيين : ندعو المجتمع الدولي إلى إدانة الهجمات العنيفة التي تستهدف المدنيين الأبرياء في الفاشر، والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة.

   

2. تأمين وصول المساعدات الإنسانية : نطالب بتأمين وصول المساعدات الإنسانية الضرورية من غذاء ومياه وأدوية إلى المدنيين المحاصرين في الفاشر، والعمل على رفع الحصار فوراً لضمان بقائهم على قيد الحياة.

   

3. إجراء تحقيق دولي مستقل : نناشد بإجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف في هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.

   

4. تعزيز حماية المدنيين : ندعو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية إلى تكثيف جهودها لحماية المدنيين في الفاشر وضمان احترام القانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف المتنازعة.

   

5. دعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر : نحث جميع الدول والمنظمات على دعم جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقديم المساعدات الإنسانية ومراقبة الامتثال لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة.

إن حماية المدنيين في زمن الحرب واجب دولي وإنساني على الجميع. نأمل أن تجد هذه المناشدة الاستجابة العاجلة والعمل الفوري من قبل الأطراف المتنازعة أولاً في الالتزام بحماية المدنيين وعدم التعرض لهم و لممتلكاتهم، ومن المجتمع الدولي والضمير الإنساني العالمي ثانياً لوقف هذه الانتهاكات وحماية حقوق المدنيين في الفاشر والسودان بصفة عامة.

و السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى