
( الجزء الثاني )
كيف نعالج كثرة تشاجر الأولاد مع بعضهم البعض ؟
إذا شعرت أن أحد الأولاد سيصاب بأذى جسدي أو أن الأيادي المتطايرة قد تصيب قطعة من قطع أثاث المنزل فيمكنك عندها أن تضع حدًّاً فوريًّا ًللأمر بأن تنادى عليهم أن يقفوا فوراً ،
أو بإبعادهم عن بعضهم جسدياً ، وتذكر أنك إن بدأت أنت أيضاً باستعمال اليد والضرب فأنك تقوم بنفس الأمر الذي تطلب منهم الامتناع عنه .
إنهم من خلال هذه المنازعات يتعرفون على بعضهم وعلى إمكانياتهم ونقاط القوة والضعف عندهم ،
وهم يؤكدون أيضاً من خلال ذلك فردية كل واحد منهم وشخصيته واستقلاله عن الآخرين ولذلك قد تزداد حدة هذه النزعات عند الإخوة المتقاربين فى العمر والإمكانيات ،
لأن الواحد منهم فى هذه الحالة فى أشد الحاجة للحصول على استقلاله عن الأخر ويتعرف كل واحد منهم عبر
هذه الحركات على نفسه وأسلوبه فى التكيف والتخطيط والدفاع والهجوم وحلّ النزعات وهم أيضأ يجربون نشوة الإثارة والإنتصار وكذلك مشاعر الهزيمة وفقدان السيطرة ،
ويفضل الولد عادة أن يوجد معه فى المنزل من يجرب عليه عضلاته وحيله الشخصية ويتشاجر معه بدل أن يكون بمفرده ليس له إلا الوحدة والملل ،
وبالمقابل فإن الأولاد الذين يسمح لهم ببعض الجدال فى صغرهم يصبحون أشد قرباً من بعضهم وأقوى علاقة
فى كبرهم ومع وصولهم لمرحلة المراهقة يصبحون أكثر معرفة لبعضهم البعض ويعلم كل واحد منهم حدوده ،
ويقّدَّر كل منهم وجهة نظر الآخر هذا بالإضافة إلى أن نفس الجدال والخصام يقف أو يخف كثيراً بطبيعة الحال
عند هذه المرحلة من النمو ويكون كل منهم قد تخلص من مشاعر الانزعاج
من الآخر ، وبدأوا يشعرون بصدقاتهم وانسجامهم ، وبأنهم يستفيدون
من هذه الصداقة أكثر من خصامهم ونزاعهم ، والقاعدة الذهبية فى قضية تشاجر الأولاد أن لا تتدخل فى كل مرة يشبّ فيها النزاع إلا إذا كان هناك خطر تعرض أحدهم للأذى الجسدي ،
أو أحداث تخريب فى المنزل ، أو أن أحدهم مسيطر تماماً وبشكل مزعج على الآخر ، ويمكنك أن تريح نفسك بأن تتذكر أن هذا الخلاف ليس كله ضار ،
وليس بالسوء الذى يبدو فيه للمراقب من الكبار ، وإذا ساء الحال فلا شك أنه من حقك التدخل ، لأنه من حقك أن تنعم ببعض الهدوء والأمن والسلام عندما تريد ،
وحاول أن لا تنحاز بشكل تلقائي مع أحد الأولاد ضد الآخر ، إنما حاول أن تحدد طبيعة ما حصل ، وإذا لم تنجح فى معرفة من المذنب فعندها ساعد كل واحد منهم على رؤية وجهة نظر الآخر ،
وساعد الكبير على أنه أكبر وأقوى ، وأن على الكبار والأقوياء مسؤولية رعاية واحترام من هم أصغر أو أضعف منهم ، ليس فقط فى الأسرة وإنما فى الحياة بشكل عام ،
ووافق معه أنك تعلم أن هذا ليس بالأمر السهل ، وأنك تعلم كيف أن الآخر الصغير قد يكون أحيانأ مزعجاً أو متعباً ،إلا أن هذا الأمر يدخل فى مسئولية الكبار وواجباتهم،
وأن على الكبير أن يتعلم درسأً من ذلك وشجعه على التحلي بالصبر ، وأطلب منه أن يخبرك فوراً إذا كان قد حاول الصبر ولم يستطع تمالك نفسه ،
وساعد الصغير منهم على رؤية أن للأخ الكبير أيضاً حقوق واحترام ، وأنه من الخطأ أن يبدأ الصغير بإزعاج الكبير ودفعه للانتقام ،
وأشرح له أنه إن كان الكبير هو الذى قد بدأ النزاع فإن على الصغير أن يأتي إليك ليخبرك فى حينه , وأنك لن تقف فى صف أحد ،
ومن خلال تعاملك هذا سيتعلم الأولاد الأسلوب السليم للسلوك والتعامل مع بعضهم ,وسيستخدمون هذا فى إقامة وتقوية العلاقة بينهم ،
وحاول من طرفك أن لا تحل مشكلتهم عن طريق الإسراع بمعاقبة (المذنب) وخاصة إذا لم تشهد الحدث ولم تعرف كامل القصة فمعاقبة الواحد بناء على إدعاء الآخر سينمى بينهم روح الغيظ والانتقام ،
وإذا وقع عقابك على الطرف البرئ فكلاهما سيشك فى حكمتك وحسن تصرفك فى المستقبل ، وحاول دوماً أ ن تركز على تحسين العلاقة بينهما بدل التركيز على المعاقبة ، ويمكنك أن تفصل بينهم لبعض الوقت ،
وقل لهما وجهة نظرك فى الأمر وأرهم أن هناك طرق أفضل لحل الخلافات وترك الأمر عند هذه المرحلة ومن الطرق الشائعة التى قد تزيد الإشكال وتسئ العلاقة بين الأولاد أن تقارن الواحد منهم بالآخر
، مثال : “إنه لأمر معيب أن لا تستطيع أن تكون مثل أخيك ” . أو ” إن أخاك كان أفضل منك عندما كان فى مثل سنك ” أو ” إنك على عكس أخيك ،
فهو يطيع من أول مرة أقول له الشئ ” . فمثل هذا الكلام يجعل الولد يشعر بالذنب من نفسه والغيظ من أخيه ،
وإن تكرار مثل هذه المقارنة تجعل الولد يكره التشبه والإقتداء بأخيه رغم صفاته الحسنة ويجعله يشعر بأنك غير عادل أو منصف معه .
الطفل العنيد
كثير ما يشكوا الآباء والأمهات من عناد أبنائهم ، وقد نكون نحن السبب فى ظهور العناد ، فنطلب من أولادنا طلبات متعجلة دون إيضاح ، أو طلبات متعددة فى آن واحد ،
أو نطلب طلبات وهم منهمكون فى لعبهم ، فكل ذلك يؤدى إلى العناد ، ولعلاج العناد عند أولادنا لابد من :
عالج أخطائك السابقة فى التعامل معه .
اسمح له أن يشرح مبرراته فى عدم تنفيذ ما طُلب منه .
عامله برفق واحترام ، وأشعره بذاته لأن الابن المتمرد غالباً ما يشعر بأنه قد صار كبيراً وأن له شخصية مستقلة عن أبويه ، فلابد أن نتحدث معه برفق واحترام ونشعره بذاته .
أكد له أنه ما زال محبوباً لأنه ولدك ، وأن سلوكه هو الذى يحتاج إلى إصلاح فقط .
لا تلجأ إلى التدليل المفسد أو الرشوة .
لا ترضخ لمطالبه دائماً وتستسلم له .
لا تتحدث عن طفلك العنيد أمام الناس .
وللحديث بقية في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى