أخبار مصرالمرأة والطفلتقاريرحوادث وقضايا

لعنة الفراعنة تطارد المنقبين… السجن أو الموت في انتظارهم

أطفال بني سويف.. قرابين لفتح المقابر الفرعونية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب- ياسر عبدالرحمن

حينما تتقاطع الخطوط تتوه علامات الطريق ويقع الإنسان في مستنقع أطماعه ويسقط في شباك جشعه..

هذا هو حال المنقبين عن الأثار في محافظة بني سويف والتي تعد من أكثر محافظات الجمهورية شهرة في تجارة الآثار والتنقيب عنها.

فبعد أن اصبح حلم الثراء السريع يراود مئات الشباب، اتجهت الأنظار إلى الحفر والتنقيب عن كنوز القدماء المصريين فى المحافظة وهو ما أكدته الأرقام خلال عام 2023 والأيام الماضية من العام الحالي..

والذي شهد القبض على عدة تشكيلات للتنقيب عن الأثار في المحافظة وتداول والإتجار فيها، في حين توفى ما يفوق الـ 30 شخصا خلال رحلة البحث عن الكنوز المدفونة في باطن الأرض.

وبحسب المختصون تتركز مناطق تجارة الآثار والتنقيب عنه في محافظة بني سويف فى المناطق الصحراوية، في حين تضم الخريطة الأثرية للمحافظة، منطقة إهناسيا الأثرية، وهي الأقدم والأهم قاطبة، ومنطقة ميدوم أبو صير الملق بمركز الواسطي شمال المحافظة، والحيبة بمركز الفشن، ودشاشة بمركز سمسطا..

حيث اصبحت تلك المناطق هدفاً لعصابات التنقيب عن الكنوز.. حيث توجد بها مقابر الأسرتين الوسطى والحديثة ويكاد لا يخلو متر فيها من وجود آثار، إلا أن المستكشف منها وفقا للخبراء لا يزيد على 30% فقط من المدفون بباطنها.

الأمر لم يتوقف على الرجال فقط فاللنساء نصيب ايضا من التنقيب.. حيث نجحت الأجهزة الأمنية ببني سويف في ضبط تشكيل عصابي تقوده سيدة، تخصصت فى التنقيب عن الآثار وتم ضبطها وبحوزتها 60 قطعة يشتبه فى أثريتها.

بحسب الجهات الأمنية فإن هناك نوعين من الباحثين عن الأثار فى المحافظة، الأول منهم هم الأثرياء الذين يملكون أموالاً طائلة والتي ينفقون بعضها في البحث عن الأثار لبيعها بالملايين وبالعملات الصعبة، أما النوع الثاني فهم الباحثين عن الثراء أو الذين كانوا يعملون سابقاً في الحفر لرجال الأعمال.

رسائل عشوائية

حلم الثراء السريع دفع من لم يستطع العثور على الكنوز إلى النصب بإسمها..

حيث شهدت المحافظة خلال العام الماضي واقعة فريدة من نوعها تمثلت في تشييد مجموعة من الشباب مقبرة أثرية مزيفة كاملة من سراديب وتماثيل ونقوش فرعونية لإيهام ضحاياهم أنها كنزي أثري مدفون..

والإحتيال على راغبي اقتناء وشراء مثل هذه الكنوز.. لكن خطوات الجهات الأمنية كانت اسرع من خطواتهم.

“ارجع يا محمد أبوك لقي تماثيل وآثار”.. رسائل عشوائية انتشرت من بني سويف لباقي المحافظات عبر تشكيل عصابي تخصص في النصب على المواطنين واستدراجهم لسرقتهم عبر حيلة يتم استخدامها من خلال استدراج الضحية إلى أحد الشوارع المتفق عليها لتصريف الآثار، فيما يقوم بعضهم بانتحال صفة رجال شرطة ويلقون القبض عليهم ويتركون الضحية بعد مساومته بترك ما بحوزته أو اقتياده لقسم.. لكن القبضة الأمنية قطعت أثير رسائلهم.

تفاصيل مثيرة

خلال رحلة البحث عن الكنوز تختفي تفاصيل مثيرة متنوعة تنتهي إما بالوقوع في شراك النصب أو الوقوع في قبضة الجهات الأمنية أو الموت.

ويسرد بعض من خاض التجربة تفاصيلها سواء المخيفة والمحزنة أو المضحكة حيث يؤكدون أنهم يلجأون لأحد المشايخ وتحديداً شيخ مغربي الذي يطلب عدة طلبات لإبعاد حراس المقبرة والبدء في فتح أبوابها، فمنهم من يطلب تقديم قرابين بمواصفات معينة وإحضار بخور مخصوص، وغيرها من الطلبات، التي قد تصل تكلفتها للآلاف بل وأحيانا تتعدى المألوف إلا أن الراغبين في الحصول على الكنوز لا يبخلون.

ومنهم من يحكي عن تهدم الحفرة أو إغلاقها على من يقومون بالحفر وإذا فشلت محاولة الانقاذ أو استخراج الجثث يتم اغلاق الحفرة عليهم للأبد.

خطف الأطفال

علاقة وطيدة بين التنقيب عن الآثار وازدياد عمليات اختطاف الأطفال.. حيث أن هناك كنوز لا يمكن فتحها إلا عن طريق القتل، حيث تحتاج المقبرة الأثرية في بعض الأحيان إلى قتل شخص ونشر دمائه بأعلى المقبرة، أو التضحية بعدد من الأطفال.. وذلك بحسب من تم القبض عليهم من المنقبين والدجالين..

وهو ما اكدته شواهد اختفاء عدداً من الاطفال خلال العام 2023 والايام الماضية من العام الحالي في ظروف غامضة.

وقانونياً.. يؤكد اهل الإختصاص أن الهوس الجنونى بالتنقيب عن الأثار والذي ازدادت وتيرته خلال السنوات العشر الأخيرة جعل المشرع يقوم بتعديل قانون حماية الأثار في عام 2018 لتغليظ العقوبة وحماية آثار الدولة من السرقة والنهب والتخريب.

وبحسب المادة 42 مكرر “2” من قانون حماية الآثار فإنه “يعاقب بالسجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه كل من حاز أو أحرز أو باع أثرًا أو جزءًا من أثر خارج جمهورية مصر العربية، ما لم يكن بحوزته مستند رسمى يفيد خروجه من مصر بطريقة مشروعة، ويحكم فضلًا عن ذلك بمصادرة الأثر محل الجريمة”.

كما ينص القانون “على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد عن مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بأي من الفعلين الآتيين: من وُجد بأحد المواقع الأثرية أو المتاحف، دون الحصول على تصريح، وكذا من تسلّق أثراً دون الحصول على ترخيص بذلك”.

هذا وأشار أهل الإختصاص إلى أن هناك ثغرات في القانون يتوجب تدراكها حفاظاً على ما تبقي من الحضارة والأثار المصرية من مافيا هذه التجارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى