أهم الأخبارمقالات

وصية حكيم .. لمن يريد أن يكون من المتميزين بقلم أ د / رجب عبد اللطيف محمد

الكاتب والباحث في علم النفس والتنمية البشرية

رجب
د رجب عبد اللطيف محمد الكاتب والباحث فى التنمية البشرية

 

ذهب أحد الشباب إلى حكيم من حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح وسأله ” هل تستطيع أن تذكر لي ما هو سر النجاح ؟”

فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء قائلاً : ” سر النجاح هو الدوافع “

 فسأله الشاب : ومن أين تأتى هذه الدوافع ؟ “

فرد عليه الحكيم الصيني : ” من رغباتك المشتعلة “

وباستغراب سأله الشاب ” وكيف تكون عندنا رغبات مشتعلة ؟ “

وهنا استأذن الحكيم الصيني لعدة دقائق وعاد

ومعه وعاء  كبير مليء بالماء وسأل الشاب :

“هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة ؟”

فأجابه الشاب بلهفة :” طبعاً “

فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء وينظر فيه ، ونظر الشاب إلى الماء عن قرب وفجأة ضغط الحكيم

بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعها داخل وعاء الماء  !!

ومرت عدة ثوان ولم يتحرك الشاب ، ثم بدأ يُخرج رأسه من الماء ببطء ولما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة

حتى نجح في تخليص نفسه وأخرج رأسه من الماء ،

ثم نظر إلى الحكيم الصيني وسأله بغضب : ” ما هذا الذي فعلته ؟ “

فرد عليه وهو ما زال محتفظاً بهدوئه وابتسامته سائلاً : ” ما الذي تعلمته من هذه التجربة ؟ “

فقال الشاب :  ” لم أتعلم شيئاً “

فنظر إليه الحكيم الصيني قائلاً ” لا يا بني لقد تعلمت الكثير ، ففي خلال الثواني الأولى أردت أن تُخلّص نفسك من الماء ،

ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك ، وبعد ذلك كنت دائماً راغباً في تخليص نفسك فبدأت في التحرك والمقاومة ولكن ببطء ،

حيث أن دوافعك لم تكن قد وصلت بعد لأعلى درجاتها ، وأخيراً أصبحت عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك ،

وعندئذ فقد نجحت ، لأنه لم تكن هناك قوة باستطاعتها أن توقفك ” ، ثم أضاف الحكيم الصيني الذي لم تفارق

ابتسامته الهادئة : “

عندما تكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح فلن يستطيع أحد إيقافك “

ومن هنا نتعلم أن الرغبة المشتعلة للنجاح هي قاعدة من أهم قواعد التميز والنجاح ،

فلو اكتشفت ذاتك وأيقظت قدراتك وكنت واثقاً جداً من نفسك ، ولكن لم تكن لديك رغبة قوية تدفعك دفعاً نحو

التميز والنجاح فلن تكون أبداً من المتميزين الناجحين ، لأن الرغبة القوية لتحقيق النجاح هي وقود الناجحين

وبدونها لا يستطيع من يريد النجاح أن يسير في ركب الناجحين ، وسيظل واقفاً مع الفاشلين المُحبَطِين ،

كالسيارة التي بلا وقود ، هل تستطيع الحركة بدون هذا الوقود ؟ بالطبع لا ، مع أن هذه السيارة ربما تكون من

أفخم السيارات ، وبها أحدث الإمكانيات ، ولكن لعدم وجود الوقود الكافي لتحريكها لن تتحرك وستظل واقفة

في مكانها ،وستظل الإمكانيات التي فيها مُعطّلة لأنها لا تتحرك 0

لذلك أقول : لابد أن تشتعل الرغبة القوية للنجاح في داخلك ، لأن النجاح يبدأ من ها هنا ، من داخلك أولاً ، فإذا

امتلكت هذه الرغبة فأعلم أنها ستولد في داخلك طاقة هائلة تدفعك نحو النجاح دفعا، ولن يستطيع أحد إيقافك 

قال رالف والدوامرسون : ” ما يوجد أمامنا وما يوجد خلفنا يُعتبر ضئيلاً جداً بالمقارنة بما يوجد بداخلنا ” 

لذلك سوف أذكر لك أهم العوامل التي تولد الرغبة المشتعلة بداخلك 

 عوامل تحفيز النفس وشحذ الهمم :

قرءاة قصص الناجحين : فقراءة قصص الناجحين تُحفز النفس وتشحذ الهمم ، لأنك وأنت تقرأ سيرهم

تعيش في رحاب خبرات وتجارب ظلت سنوات وسنوات ، فتتعلم من حياتهم كيف واجهوا الصعاب ،

وكيف تغلبوا عليها ، وتتعرف على قوة عزيمتهم ، ورغبتهم المشتعلة للنجاح التي لا تضعف أبداً ولو

وصلوا إلى أعلى درجات النجاح ، فعندما تقرأ مثل هذا الكلام تجد نفسك مشتاقة للوصول إلى ما

وصلوا إليه ، ولك أن تتخيل لو كان عندك هذا النوع من الحماس واستفدت من هذه الخبرات – فكيف

ستكون قوتك ؟ وكم من النتائج المتميزة ستتحقق بناءً على ذلك ؟

قال الفيلسوف الياباني فوشيدو كيندو ” الجلوس في ضوء الشموع وأمامك كتاب مفتوح في حوار مع أشخاص

من أجيال لم تُعاصرهم هي المتعة التي ليس لها مثيل “.

النظر إلى حال من سبقوك من أصحابك : فبالنظر إلى حالهم وما وصلوا إليه من نجاح ، وبمقارنته بحالك وما أنت

عليه تدرك مدى السكون الذي أنت فيه ، وبذلك تتحفز نفسك ، وتقوى عزيمتك للسير في طريق الناجحين . 

وضع أهداف نفيسة : فإن الإنسان الذي يسعى لتحقيق هدف ما يكون نشيطاً ، يسعى بجد لكي يظفر بهذا

الهدف ، يُحكى عن المفكر الفرنسي (سان سيمون ) أنه علَّم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول

: ” انهض سيدي الكونت .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ! ” .فيستيقظ بهمة ونشاط ، ممتلئاً

بالتفاؤل والأمل والحيوية ، مستشعراً أهميته ، وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير والكثير ،

فالسعي من أجل هدف تريد تحقيقه يجعلك عالي الهمة ، ويولد في قلبك رغبة مشتعلة للوصول إلى ما قد حددته .

عش بكل كيانك بداخل أحلامك : فأنت إذا رسمت صورة لنفسك وقد حققت ما تُريد تحقيقه ، وعشت بكل كيانك

وعواطفك داخل هذه الصورة ، مستمتعاً بما وصلت إليه من النجاحات ، فإن هذا سيولد في داخلك طاقة جبارة ،

وهمة عالية للوصول إلى هذا النجاح ، فبعد أن كان مجرد حلم وخيال ، يكون حقيقة لا أمر مُحال 0

فهذا أرنولد شوارزنجر يقول عنه الكاتب الأمريكي ستيف تشاندلر أنه ذهب لمقابلته في عام 1976بحكم عمله

الصحفي ، ولم يكن أحد يعرف من هو أرنولد ، فهو رياضي سابق ، وقد قام ببطولة فيلم سينمائي لكنه لم يُحقق أي نجاح يُذكر 

يقول تشاندلر : كان أكثر ما يعلق بالذهن من ذلك اليوم تلك الساعة التي قضيناها في تناول الغداء ، حيث

أخرجت كراستي وأخذت أسأل أسئلة المقال وأثناء الطعام وفي لحظة مُعينة سألته بشكل عارض ” أما وقد اعتزلت رياضة كمال الأجسام ، ما الذي تنوي فعله بعد ذلك ؟ “

فما كان منه إلا أن أجابني بصوت هادئ كما لو كان يُخبرني عن بعض من خطط سفرياته العادية ، وقال لي ” إنني أنوي أن أكون النجم رقم واحد في هوليود ” .

يقول تشاندلر : ففاجئني حديثه الذي ليس له على أرض الواقع جذور ، فجسمه – وقتها – ضخم ، لهجته

نمساوية ، فيلمه الأول لم ينجح، فحاولت أن أخفي صدمتي وأنا أقول له : ” وهل لديك خطط مُعينة للوصول لهذا الهدف ؟” .

فأجابني قائلاً : ” بنفس الأسلوب الذي كنت أتبعه في كمال الأجسام وهو أن أتخيل الصورة التي أريد أن أكونها ثم أعيش هذه الصورة كما لو كانت واقعاً ” .

وقد أصبح أرنولد بالفعل رقم واحد في هوليود ، والآن اتجه للسياسة فأصبح حاكم على ولاية كاليفورنيا الأمريكية ، وأسلوبه كما يقول:( تخيل الحلم ) . 

مصاحبة أصحاب الهمم العالية : إن من أقوى البواعث على ارتفاع الهمة مصاحبة أصحاب الهمم العالية ، لأن كل

قرين بالمقارن يقتدي ، فإذا نظرنا إلى حياة الناجحين العظماء نجدهم لا يُصاحبون إلا المجَّدين العاملين ، لأن

أصحاب الهمم العالية لا يعرفون إلا الجِد والكفاح ، والانتقال من نجاح إلى نجاح ، فهم يستمتعون بحياتهم في

ظل تفوقهم ونجاحهم ، فهم يتطلعون دائماً إلى معالي الأمور ، ولا يحبون الكسل والفتور ، لذلك مصاحبتهم دواء

لكل عاجز كسول ، وحافز لكل من يريد أن يكون ناجحاً مشهور 

وصدق من قال :

     أنت في الناس تقاس          بالذي اخترتَ خليلا

                           فاصحب الأخيار تعلو        وتنل ذكراً جميلا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى