أهم الأخبارتقارير

“يفغيني بريغوجين “رجل فقده عقله وتمرد علي سيد الكرملين .. خبير في الأمن الدولي والدفاع يكشف التفاصيل

الإطاحة بالقيادات الروسية هدف يفغيني بريغوجين

يفغيني بريغوجين "رجل فقده عقله وتمرد علي سيد الكرملين .. خبير في الأمن الدولي والدفاع يكشف التفاصيل
لواء /  سيد غنيم خبير في الأمن الدولي والدفاع

تقرير.. صفاء دعبس 

“رجل فقد عقله عندما تمرد على القيادة العسكرية الروسية فمن هو يا تري؟” “يفغيني بريغوجين” قائد قوات فاغنر الروسية والملقب بطباخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الرجل الذي أعلن العصيان في مساء الجمعة الموافق الثالث والعشرون من يونيو حزيران 2023 هو وقواته وفق زعمه أن قوات الجيش الروسي شنت هجوما على قواته فقرر التمرد والزحف إلي موسكو.

   هذا، ونفت وزارة الدفاع الروسية هذا الأمر نفيا قاطعا، لذا فتح جهاز الأمن الاتحادي الروسي “قضية جنائية” ضد بريغوجين بموجب المادة الخاصة “الدعوة إلى تمرد مسلح”.

ومع ذلك، لم يكتف بريغوجين بالعصيان ، بل وصل الأمر إلى درجة تحدي بوتين، وأيضا رفض خطابه، مشيراً إلى في بيان منسوب إنه “سيكون لروسيا رئيس جديد”.

لذلك ، وصف الرئيس فلاديمير بوتين تمرد بريغوجين المسلح بالخيانة و طعنة في الظهر متعهدا بأنه لن يفلت من العقاب كل من شارك في هذا التمرد.

وبناء عليه، كان هناك رد فعل داخلي علي هذا التمرد المسلح الذي قاده قائد قوات فاغنر، يفغيني بريغوجين، ضد الدولة الروسية حيث ركز رد الفعل بالدعوة إلى الالتفاف حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي سياق متصل، تراجع يفغيني بريغوجين عن تمرده اليوم التالي علي الفور مساء السبت الرابع والعشرون من يونيو حزيران حيث فجاءة الجميع أن قوّاته “تعود إلى قواعدها” حقناً للدماء الروسية.

بالمقابل، قال رئيس مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين في تسجيل صوتي بثه مكتبه “نحن سعداء للغاية لانّنا تمكنّا حتى الآن من تجنب إراقة الدماء لقد انطلقنا في 23 يونيو في مسيرة من أجل العدالة وفي يوم واحد وصلنا إلى بعد 200 كيلومتر من موسكو.

وتابع ، أنّه “طوال هذا الوقت، لم نسفك قطرة واحدة من دماء مقاتلينا”.

وارداف ، “الآن هو الوقت الذي يمكن فيه إراقة الدماء. لذلك، و إدراكاً منّا للمسؤولية الكاملة عن حقيقة أنّ دماء روسية ستراق على أحد الجانبين، فنحن ندير وجهة أرتالنا ونعود إلى المعسكرات الميدانية وفقاً للخطة”.

 وما نشاهده في موسكو يذكرنا ، بما جري في السودان من حميدتي قائد قوات الدعم السريع المنقلب علي الجيش زاعما هو الآخر أن قوات الجيش استهدفت قواته، ولكن هنا الأمر يختلف تماماً في اقل من 24 ساعة تراجع يفغيني عن التمرد وقرر مغادرة روسيا بعد توسط الرئيس البيلاروسي.

  

وطرحت بوابة المواجهة مجموعة من الأسئلة علي 

  لواء دكتور سَــــيد غُنــــيم زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، وأستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل . 

١- هل هناك أطراف أو دول وراء تمرد قائد قوات فاغنر ؟

٢- كيف دخل يفغيني بريغوجين إلي موسكو بهذه السرعة ولماذا تراجع؟

 واجاب غنيم على السؤال الأول قائلاً: لا أعتقد أن هناك أي دولة وراء ما قام به بريغوجين، ولكن بالتأكيد الغرب وأوكرانيا هم المستفيد الأكبر من تحركه العدائي هذا ضد بلده روسيا.

 وأشار غُنــــيم قائلاً: سؤالك الثاني ينقسم لسؤالين يُطرحا دولياً بقوة بالفعل كالآتي: 

أولا – كيف غامر بريغوچين بتحريك قوات ڤاغنر داخل روسيا مقترباً حوالي ٢٠٠ كم من موسكو كما أعلن، ولم تبدي قوات إنفاذ القانون الروسية أي مقاومة تذكر سوى بإنشاء موانع بالحفر على بعض محاور التقدم الرئيسية لموسكو؟

ثانيا – ولماذا تراجع بريغوچين عن موقفه؟

ويقول لواء سيد غنيم، إن هدف بريغوچين الرئيسي هو الإطاحة بالقيادات الروسية والجلوس على مقعد الرئاسة بالكرملين ووضع قوانين جديدة لسير البلاد تتواءم مع تعقيدات نفسية ترتبت على كونه سجين سابق منبوذ من مجتمع لا بديل عن أن يقوده بنفسه و يخضعه تحت إرادته، الأمر الذي عضده انتصاراته المبالغ فيها في أوكرانيا على حساب سمعة القوات المسلحة الروسية بشكل خاص والقيادة الروسية بشكل عام.

هذا، وبجانب ما سبق، وعلى التوازي استند بريغوچين لتحقيق هدفه على ثلاثة أبعاد رئيسية وهي:

١- (سياسياً و شعبوياً) نجح بريغوچين في منافسة بوتين نفسه وانتزاع شريحة كبيرة من حصة شعبيته في الداخل الروسي، فقد أظهر استطلاع للراي أجرته مبادرة “ناڤي الروسية” يوم ١٠ مايو ٢٠٢٣ حصوله على نسبة ٣٩،٧٪ مباشرة خلف بوتين الذي نال فقط نسبة شعبية روسية ٤٢,٥٪ في المقابل، ومتقدما على كل من لاڤروف وشويجو بفارقين كبيرين.

٢- (عسكرياً)، قام بريغوچين بمحاولة كسب قيادات عسكرية روسية كبيرة على حساب خلافاتهم الشخصية مع بعضهم البعض، واستمرار بريغوچين في إلقاء اللوم على القادة الروس في الحرب أنهم السبب في الانسحابات الروسية المتتالية من الجبهة وإن أي نجاحات في الحرب فڤاغنر هي من حققتها، وقد نجح بريغوچين جراء ذلك في كسب ثقة ودعم سيرجي سوروڤكين الذي كان قد عُين قائداً للعملية العسكرية في أوكرانيا مع هذه الانسحابات، وذلك على حساب وزير الدفاع ورئيس الأركان شويجو وجراسيموڤ، وكذا على حساب ألكسندر لابين قائد المنطقة المركزية العسكرية سابقآ ومساعد رئيس الأركان حالياً، الأمر الذي كان أحد الأسباب في تخفيض جراسيموڤ درجة وتعيينه قائداً للعملية ووضع سوروڤكين تحت قيادته مساعداً له، وقيام بوتين وشويجو وجراسيموڤ بإعادة تلميع صورة لابين ثانية.

وتابع غنيم، قائلاً : إن بريغوچين نجح في استقطاب العديد من الوحدات الفرعية والأفراد الروس مستغلاً شكواهم الدائمة من قلة المؤن الواصل لهم، لدرجة إنضمام عناصر من الوحدات القريبة منه في باخموت لوحداته بالفعل.

٣- (عملياتياً) يمكن لأي دولة التخطيط عسكرياً لمواجهة دولة أخرى في جبهة عسكرية، وهناك دولة كإسرائيل مثلاً يمكنها مواجهة دولتين على جبهتين مختلفتين على حدودها في وقت واحد، وهناك دول كالولايات المتحدة وروسيا والصين يمكنها تنفيذ عمليات عسكرية في عدة اتجاهات استراتيچية في وقت واحد خارج حدودها، ولكن الأصعب والأشد خطورة على الإطلاق أن تستطع أي دولة بما فيها الدول الأقوى عسكرياً في العالم أن تجري حرباً داخل حدودها ضد أي تمرد مسلح في الوقت الذي تجري فيه حرباً مع دولة أخرى خاصةً على حدودها، لأن ذلك سيعرض بدرجة كبيرة للغاية الظهيرين الشعبي والعسكري للانقسام ويفشل النظام الحاكم في السيطرة على الموقف الداخلي ويحرمه تحقيق النصر العسكري على الدولة العدو، خاصةً مع انعدام وجود دول تُعد حليف عسكري قوي.

 إلي ذلك ، يري لواء سيد غنيم أن كل ما سبق هو ما استند عليه بريغوچين ودفعه للمغامرة المحسوبة نسبياً للدخول بقواته في روسيا مستنداً على الظهير الشعبي المتزايد وتخوف بوتين من تحول بلاده لحرب تصنف حرب أهلية بين الروس في المسرح الروسي بجانب حربه التقليدية في المسرح الأوكراني الأمر الذي قد يؤدي للآتي:

١- انقسام الشعب والجيش الروسي بين موالين لبوتين ونظامه الحاكم وموالين لبريجوچين.

٢- عدم قدرة القوات الروسية المسؤولة عن إدارة حرب مطولة في مسرح استراتيچي حدودي ومسرح داخل الدولة الروسية الأكبر في العالم من حيث المساحة (١٧ مليون كم²) وهي مسؤولة عن تأمين كافة حدودها أمام دول الناتو في أوروبا غرباً وشمالاً وجنوباً وأمام الولايات المتحدة وكندا واليابان شرقاً.

٣- احتمال استغلال أوكرانيا الموقف بدفع قوات تجاه بيلغروود في الأراضي الروسية والعمل على التقدم شرقاً تجاه موسكو بالتعاون مع قوات ڤاجنر التي ستكون في أشد الحاجة إليها (بغض النظر أن كانت أوكرانيا ستنفذ ذلك بالفعل ام لا).

٤- استغلال الولايات المتحدة وبريطانيا ودول شرق أوروبا الموقف بالتقرب لبريغوچين ودعمه عسكرياً داخل الأراضي الروسية.

 

 ويقول لواء سيد غنيم ، قبل التحدث عن هدف بريجوچين القريب، وجب مراقبة ظروف الحرب والتوتر السياسي في الكرملين وشعورهم بتزايد خطرهد بريغوچين، فتقرر الخلاص منه مع عدم فقدان عنصر الاستفادة منه أيضاً، خاصة مع رفض سوروڤكين دعمه في هدفه الأكبر، وهو ما استشعره بريجوچين، فقرر التفكير في هدف آخر هو النزول درجة في أفقه والتحول إلى هدف “البقاء” متنازلاً عن طموحاته في الرئاسة بشكل مؤقت.

من ناحية أخري ، يعتقد غنيم أن بريغوچين ربما قد تلقى وعوداً بتغيير قيادات الجيش كجزء من الصفقة التي أنهت حملة قواته التي كانت مخططة تجاه موسكو.

 ويؤكد لواء سيد غنيم ، أن هذا ما دفع بريغوچين لقبول وساطة ليشينكو رئيس بيلاروسيا للتفاوض و المقايضة نظير الضمانات الأمنية واستبعاد قيادات الجيش عدويه اللدودين.

*وساطة الرئيس البيلاروسي ليشينكو

ويري لواء سيد غنيم أنها تحمل أمرين كسلاح ذو حدين

الأول: نجاح بوتين و ليشينكو في إدارة الموقف لصالحهما بمزايا مختلفة.

الثاني: تأكد هشاشة نظام بوتين الحاكم وعدم قدرته على فرض تماسك بلاده وبما يحميها من براثن الإنهيار والتفكك، كما أن الحل لأزمة لم يكن بالقوة الحاسمة أو حتى بالإقناع و المقايضة من جانب بوتين وضع أقوى ولكن بشكل شخصي بواسطة رئيس دولة حليف يعتبره بوتين هو ودولته ملكاً للإتحاد الروسي وليس حليفاً مناظراً بمعنى الكلمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى