مقالات

د.فتحي حسين يكتب: استشهاد الصحفية شيرين ابو عاقلة

بقلم الكاتب الصحفي الدكتور فتحي حسين

لم تفلح استغاثات زملاء الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة التي استشهدت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بفلسطين المحتلة ،في إنقاذ حياتها بعد أن طالتها رصاصة في رأسها أثناء تغطيتها لاحداث الانتهاك الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك،فقد كانوا يصيحون بالاستغاثة :” إسعاف إسعاف بسرعة ” لكن كان للقدر كلمة اخري وتولت في الحال ،بالرغم من ارتداؤها لقميص صحفي واقي من الرصاص ،الا أن اليد الغادرة الإسرائيلية الملوثة بالدماء ،قلتها بدم بارد جدا ،لتضيف إليها سجل اخر من الجرائم التي لا تنتهي باي حال من الأحوال .

الشهيدة الفلسطينية شيرين ابو عاقلة هي مراسلة قناة الجزيرة القطرية في غزة بفلسطين والتي تنقل فظائع وجرائم العدوان الإسرائيلي للعالم كله ،لكي يعرف حقيقة الأمر وما يفعله الكيان الإسرائيلي الغاصب بحق اشقاءنا في فلسطين ولكي تري دول العالم العربي المطبع مع هذا الكيان الإسرائيلي حقيقته وبشاعته وحقارته في الوقت نفسه!

وجرائم الكيان الإسرائيلي الغاصب ضد الإعلام والصحفيين لا تنتهي منذ سنوات طويلة حتي لا ينقلوا الحقيقة الي العالم من حولنا ويظهرون في الوقت نفسه مدي بشاعة الكيان الإسرائيلي البشع في تكميم الأفواه وعدم إيصال حقيقة الأوضاع الأمنية هناك ،ورغبة الكيان اليهودي في قتل كل صوت حر وإخماد الإعلام والصحافة حتي لا تقوم بعملها في إظهار الحقيقة الوحيدة للعالم دون تزييف أو تضليل !

وشيرين تبلغ من العمر ٥١ سنة عند وفاتها ،اثناء تغطيتها لاقتحام مخيم ابو جنين،برصاص العدو الإسرائيلي ،وقد ولدت عام ١٩٧١ في القدس ويعود اصلها إلي مدينة بيت لحم ولكنها ولدت وترعرت في القدس بفلسطين ،وانهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا ،وقد درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الاردن ،ثم انتقلت الي تخصص الصحافة المكتوبة.

وحصلت علي درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الاردن ،وعادت بعد التخرج الي فلسطين وعملت في عدة مواقع إعلامية وصحافية مثل وكالة الأونروا وإذاعة صوت فلسطين وقناة عمان الفضائية ،ثم مؤسسة مفتاح وإذاعة مونت كارلو ولاحقا انتقلت للعمل في قناة الجزيرة القطرية عام ١٩٩٧ ومازالت بها حتي وفاتها وقتلها بدم بارد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بفلسطين،وكانت شيرين عاشقه جدا لمصر وأماكنها وشعبها العظيم وكانت مرشحة لتولي مديرة مكتب قناة الجزيرة القطرية في مصر ،بعد عودة المكتب مؤخرا بالقاهرة ولكن القدر لم يمهلها هذا بعد قتلها .

استشهاد الصحفية شيرين ابو عاقلة ليس مجرد استشهاد إعلامية عربية فقط بل هي سلسلة من بحور الدم تتبعها إسرائيل مع كل من يحاول إظهار الحقيقة والظلم والدكتاتورية الإسرائيلية والتعنت والاعمال الفاضحة للقيادة الإسرائيلية في تعاملها مع الشعب الفلسطيني الأعزل ،وانتهاكها دوما للمسجد الأقصى وقتل الشعب بدم بارد والميل بمكيالين واخفاء الحقائق وتضليل العالم والسعي لتحقيق حلمها وأهدافها علي حساب جثث واشلاء الشعوب العربية والإسلامية وهذا لن يحدث باي حال من الأحوال . وقتل شيرين وغيرها من الصحفيين والاعلاميين لن يزيدننا غير قوة وصلابة في مواجهة الظلم والعنجهية الإسرائيلية والأمريكية من ورائها ،ولم يثنينا نحن الإعلاميين عن قول الحقيقة ولو كره الكارهون أو رفض المنافقون ،وليعلم المطبعون الجدد مدي بشاعة أفعالهم وسلوكهم التطبيعي مع تجار الدماء والذين يمثلون بجثث العاملين بالاعلام والصحافة في مواجهة الحقيقة .

الصحفي والإعلامي يقوم بدور وطني خطير ،ولا يقل في ذلك عن الجندي علي الحدود أو في ساحة الحرب والمعارك ضد العدو الذي يريد النيل من امن البلاد والمواطنين ،وقتله بدم بارد هو قتل للحقيقة والصوت الحر والحرية الحقيقية التي لا يريد الظالمون أن تصل إلي شعوب العالم ومن يحكمون العالم من حولنا !! رحم الله الصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين ابو عاقلة واسكنها فسيح جناته ويلهم ذويها وزملائها وأقاربها وكل صاحب كلمة حرة الصبر والسلوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى