مقالات

القواعد الهامة في بناء العلاقات العامة: بقلم أ د. رجب عبد اللطيف محمد

فن لابد أن تتقنه (الجزء الثاني)

 (الجزء الثاني )

القواعد الهامة في بناء العلاقات العامة :

هذه هي أهم القواعد التي يجب اتباعها في بناء العلاقات مع الناس :

أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الآخرين ؛ لأن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء سبحانه ، فهو الذي أضحك وأبكى.

قال تعالى : ﴿ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.

ضع نفسك في مكان الآخرين ثم أسمعهم من الكلام ما تحب أن تسمعه وتصرّف معهم بما تحب أن يعاملك به الآخرون.

ابتسم دائماً وبخاصة عند المواقف الصعبة والأحداث المخيفة.

احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز وتذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب )).

ضع في حسابك دائماً مشاعر الآخرين وحقوقهم وحاجاتهم ، وتذكر قوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾.

اختر كلماتك بعناية وبخاصة في أول لقاء وكن متهللاً عند التفوه بكلماتك مع الآخرين ، واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه حتى وإن كانت كلماتك أرق من النسيم ، قال الشاعر :

إذا نظرت إلى أسرة وجه برقت كبرق العارض المتهلل

إذا كانت الأجواء غير مناسبة للحديث في موضوع ما فأنه الحديث بلباقة وأجِّلْهُ إلى وقت آخر يكون أكثر مناسبة .

زين حديثك بالنكت والطرائف والأمثال ولا تجعلها تطغى على حديثك ولا تقل إلا حقاً ، فإن ذلك يضفي جواً من التفاعل على الحديث.

الهدية الجميلة وإن صغرت والمسارعة لمساعدة الآخرين وإن قلت من أهم وسائل كسب القلوب وبناء العلاقة بين الناس ، قال عليه الصلاة والسلام : ((تهادوا تحابوا)).

إفشاء السلام ورد التحية بأحسن منها مفتاح القلوب ، فاحرص على امتلاك هذا المفتاح ولا تكن كبعض الناس الذي إذا حياه الآخرون نظر إليهم بتجهم مستغرباً لماذا يسلمون عليه وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه .

الوفاء بالوعد وصدق الحديث يجعل الآخرين يحبونك وإن لم تستطع أن تفعل لهم ما يريدون وليس في صفات الإنسان أرذل من الكذب واستمرائه ، فهو يسقط هيبته ويجعل الناس يفقدون الثقة فيه ، ولا تنسى أن الكذب هو طريق الفجور والنار ، ومن صفات أهل النفاق والعياذ بالله.

الكرم بالميسور وإن قل يبوِّؤُك أعلى المنازل في قلوب الناس ، ولا يُمكن أن ينال الإنسان محبة الناس.

وهو من الموصوفين بالبخل والشح ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

البساطة وعدم التكلف في التعامل ، مع التنظيم لأمور الحياة وعدم الفوضى يكسبك احترام غيرك حتى ولو كان من أعدائك .

النظافة في البدن والفم والملبس والأناقة غير المبالغ فيها وطيب الرائحة مما يريح المتعامل معك ولا ينفره منك .

أثبتت الدراسات النفسية أن لكل إنسان نمطاً خاصاً به وأن الأنماط عموماً هي إمَّا نمط بصري أي الإنسان ينظر للعالم.

ويتعامل معه من خلال الصورة أو نمط سمعي أي ينظر للعالم ويتعامل معه من خلال الكلمة المسموعة.

أو صاحب نمط إحساسي ينظر للعالم من خلال أحاسيسه ومشاعره الداخلية  

فمعرفة نمط الإنسان الذي تتعامل معه ثم محاولة الدخول له من خلال النمط المناسب له يعجل بالانسجام والتوافق بينك وبينه وإقامة الثقة فيما بينكما .

ولأهمية هذه النقطة أنتقل بك عزيزى القارئ الكريم سريعاً من كلام الدكتور عوض بن محمد القرني إلى كلام الدكتور إبراهيم الفقي لنتعرف على أنماط البشر وكيفية التعامل مع كل نمط بما يناسبه .

 يقول الدكتور إبراهيم الفقي في كتابه البرمجة اللغوية العصبية ” 

“لكوننا بشر ، نتصل بعالمنا عن طريق حواسنا الخمس … وتشكل هذه الحواس النظام التمثيلي الذي يتولى مهام التحويل إلى رموز ، والتنظيم ، والاختزان ، وربطنا بمصاف الإدراك … ولهذا النظام خمس كيفيات ، أو أنظمة هي : البصري ، السمعي ، الشمي ، الذوقي ، الحسي .

ومع أن الحواس الخمس تعمل جميعها بصورة مستديمة ، وبلا انقطاع ، إلا أن لكل منا نظاماً به بارزاً يفوق الأنظمة الأخرى فعالية :

الأشخاص البصريون :

هم الذين يتميزون بنظام تمثيلي أساسي بصري ،ويميلون إلى التنفس السريع من صدورهم ، والتحدث بسرعة بينما يرون صوراً لتجاربهم ويعتمدون على الحركات لدعم أقوالهم …

قد يقاطعون غيرهم ، يتحركون بسرعة ، يأكلون بسرعة ، يفيضون بالطاقة ، ويتحدثون بصوت مرتفع … كما أنهم سريعو التطابق ، يتخذون قرارات فورية مبنية على ما يرونه مما يدفعهم إلى المخاطرة والمجازفة بأنفسهم .

خلال تعاملاتك مع أشخاص بصريين ، عليك أن تصور لهم ، وتجعلهم يرون ما تتكلم عنه ، وأن تتلاءم مع طاقتهم .

الأشخاص السمعيون :

الأشخاص ذو النظام التمثيلي الأساسي السمعي يميلون إلى التنفس البطيء …. يفضلون الامتناع عن الكلام ، وعندما يتحدثون ، يفعلون ذلك بنبرات ونغمات صوتية متباينة .

 لديهم القدرة الفائقة على الاستماع دون المقاطعة ، يتأنى الأشخاص السمعيون في الاستماع والحديث ، وعادةً يتخذون قرارات مبنية على التحليل الدقيق للأوضاع .

 فهم يجمعون أكبر قدر ممكن من المعلومات، وهم رجال قرار حذرون ، يقللون إلى مستوى نسب المخاطرة والمجازفة .

مع الناس السمعيين تحدَّث ببطء ووضوح وغيَّر نبرة صوتك ، وقم بشرح الوضع بالتفصيل ، وشجَّع المناقشة بطرح أسئلة صريحة .

الأشخاص الحسيون :

الأشخاص الحسيون ذوو التمثيل الأساسي الحسي يتنفسون عادة بعمق وهدوء … وينصب اهتمامهم الرئيسي على العواطف ، لذلك فإن قراراتهم مبنية على المشاعر والعواطف المستنبطة من التجربة .

وعند التعامل مع الأشخاص الحسيين عليك أن تجعلهم يشعرون بما تقوله .

بهذا نكون تعرفنا على أهم القواعد التي يجب اتباعها في بناء العلاقات مع الناس ، وقبل أن أغادر هذا العنصر أود أن الفت النظر إلى أمر هام ألا وهو عدم الإنخراط الشديد مع الآخرين ،

لأن الناس ثلاث طبقات كما قال أهل العلم ، طبقة كالغذاء لا نستغني عنه ، وطبقة كالدواء لا نحتاج له إلا أحياناً ، وطبقة كالداء لا نحتاج إليه أبداً ،

فلابد أن نُميز بين النافع والضار منهم ، ونكن على حذر ، وإليك هذه القصة التي تزيد المعنى وضوحاً ، يُحكى أنه كان هناك مجموعة من القنافد تُعاني البرد الشديد فاقتربت من بعضها وتلاصقت طمعاً في شئ من الدفء ، لكن أشواكها المدببة آذتها ،

فابتعدت عن بعضها فأوجعها البرد القارص ، فاحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق ، وعذاب البرد  ، ووجدوا في النهاية أن الحل الأمثل هو التقارب المدروس ، بحيث يتحقق الدفء والأمان مع أقل قدر من الألم ووخز الأشواك ..

فاقتربت لكنها لم تقترب الأقتراب المؤلم ..وابتعدت لكنها لم تبتعد الأبتعاد الذي يحطم أمنها وراحتها ..وهكذا يجب أن يفعل كل من يخالط الناس أن يقترب منهم أقتراب مدروس بحيث ينتفع من أخلاقهم الحميدة ويجتنب أفعالهم الدنيئة .

وبهذا نكون تعرفنا على فن من أهم الفنون التي يجب أن يتقنه كل من يريد أن يرسم لنفسه مستقبل باهر في هذه الحياة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى