مقالات

فن راقي أم إنحلال أخلاقي؟ بقلم د/ رجب عبد اللطيف محمد

الكاتب والباحث في علم النفس والتنمية البشرية

 

رجب
د رجب عبد اللطيف محمد الكاتب والباحث فى التنمية البشرية

 

في هذا اليوم سنتعرض بمشيئة الله تعالى لقضية في غاية الأهمية ، وهي قضية الفن وما نراه ونسمعه الآن

على شاشات الفضائيات من أفلام ومسلسلات ومسرحيات ،وسوف أقف اليوم على أمريين وهما :

 أولاً : الفن عموماً هل هو شئ جميل مفيد  للأفراد والمجتمعات أم هو شئ ينشر الرذيلة ويقتل الأخلاق ؟

ثانياً: هل ما يُعرض في عصرنا الحالي على شاشات الفضائيات فن راقي أم إنحلال أخلاقي ؟

هذا ما سوف أطرحه اليوم بشئ من التفصيل فاستمتع بوقتك معي في هذه الدقائق المعدودات .

أولاً : بالنسبة للفن عموماً هو شئ جميل ، فالفن شئ إبداعي يوصل رسالة بشكل إبداعي عن طريق

السيناريو والحوار لذلك له تأثير كبير على الأفراد والمجتمعات ،

لأن هذه الرسالة يتم حفظها في الذاكرة لسنوات طويلة ، لأن العقل يحفظ الأشياء البصرية أسرع ولمدة اطول

من الأشياء السمعية ، مثال ذلك : عندما تتعرف على رجل ويذكر لك اسمه ويدور بينكما حوار ومواقف كثيرة ثم تمر السنوات ولا تراه 

ثم تعود وتراه بعد غياب طويل في هذا الوقت ربما لا تتذكر اسمه ولكن وبكل تأكيد تتذكر شكله والمكان الذي تعرفت عليه فيه وكذلك تتذكر بعض المواقف التي دارت بينكما ،

نسيت اسمه لأنك حفظته عن طريق السمع ، وتذكرت شكله والمواقف التي دارت بينكما لأنك حفظتها عن طريق البصر

، ومن هنا نُدرك خطورة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات على المجتمع والأفراد لأن رسالته ستصل بسرعة وبتأثير قوي ويتم حفظها بسرعة ولفترات طويلة ،

فإذا كانت الرسالة التي يوصلها الفيلم أو توصلها المسرحية والمسلسل رسالة تدعو إلى مكارم الأخلاق

ومحاربة شتئ أنواع الفساد فهذه رسالة سامية ستنهض بالمجتمع وتظهر المجتمع بمظهر راقي أمام

المجتمعات الأخرى ، وأما إذا كانت الرسالة بعيدة كل البعد عن الإطار الأخلاقي والإصلاح الإجتماعي

والإقتصادي فبلا شك ستكون رسالة مدمرة للمجتمع ومؤثرة على تقدمه وحضارته .

ثانياً: هل ما يتم عرضه الآن من المسلسلات والمسرحيات والأفلام فن راقي أم إنحلال أخلاقي غرضه التجارة الرابحة ؟ .

إجابة هذا السؤال تتضح بعد هذا المثال :

فيلم ما يتعرض للخيانة الزوجية أسبابها وكيفية علاجها شئ في البداية جميل ، تجد في الفيلم الكاميرا تصور المرأة مع عشيقها وهم يذهبون للمنزل ويغلقان عليهما باب الشقة ، إلى هذه اللقطة الرسالة قد وصلت ، فأصغر طفل يجلس ويشاهد هذا المشهد يعلم جيداً ما سيحدث بداخل الغرفة من إقامة علاقة جنسية بينهما هذا واضح ومفهوم ،

فما الداعي أن تدخل الكاميرا داخل غرفة النوم لتصور المرأة مع عشيقها وهي ترقص له وبملابس شبه عارية ثم بعد ذلك تصور القبلات والمعانقات والأوضاع الخادشة للحياء ،

لماذا هذا المشهد الزائد ، الرسالة قد وصلت وبشكل واضح عندما انغلق الباب عليهما ،

ومن هنا نتيقن أن ما نشاهده الآن في كثير من الأفلام هو إنحلال أخلاقي بعيد كل البعد عن الفن الراقي فما علاقة الفن الراقي باللقطات الجنسية ؟ ولماذا نصور المجتمع بإنه مجتمع منحل أخلاقياً ؟

ألا نستطيع أن نعرض فن راقي لا يخدش الحياء ويهدف إلى مكارم الأخلاق وإزدهار البلاد وعلاج الفساد ؟ أتمنى ذلك ولكن متى ؟ .    

                                                       

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى